الخميس، نوفمبر 10، 2011

عقوق آباء .. من يشتكي من ؟

مدخل :
يقول د. سلمان العودة -في إحدى تغريداته- :
(رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) ولم يقل (كما رمياني). حق الأبناء: التربية والإنفاق. وحق الآباء: البر، وكثيرون يتجاهلون حقوق الأبناء والبنات!.

أنا لا أكتبُ اليومَ لأنتشي فرحاً، ولا لأبكي حُزناً، أنا أكتُبُ اليومَ لأجدَ من المسؤولين حلاً!، لن أكتب اليوم لأتساءل عن حقوق الزوج على زوجته ولا الزوجة على زوجها، بل لأقول هُناكَ أمانة بين أيديكم، هُناكَ قلوبٌ تحترق ! أطفال بدؤوا يفكرون بالهروب بدلاً من العودة إلى جحيمٍ قاتل .. أتساءل بكلِّ ألم: أين الرّحمة التي أودعها الله في قلبِ كل أم كي تضرب أبناءها وتسبب لهم عاهات نفسية وجسدية؟، وأين العطف والشفقة في قلبِ الأب كي يحرم أبناءه وبناته من العيش في سلام وطمأنينة وبدونِ أن يحرمهم أو يمنعهم من أي شيء بلا مبرر؟ ..
إن فقدنا الأمن والأمان في إطار بيوتنا وبين عائلاتنا وأهلينا، فلنْ نجدهُ خارجها !
أريد أن أضع بين أيديكم قصصاً حقيقية ليست بخيال، ومن بلاد الإسلام والمسلمين، وليست من بلاد الكفر والمُشركين ,, وإليكم ...

- هالتني قصته، كيف سهُل عليه أن يفعلها؟ كيف هانت عليه قطعة من جسده بأن يركلها برجليه على الأرض ؟ فيُصاب فلذة كبده بنزيفٍ في الدماغ، ما الجرُم الذي فعلهُ كي يقوم رجلٌ بالغٌ راشد "عاقل" وفوق هذا كله "أب" بضرب ابنه ضرباً مبرحاً قد يُفارقُ به الحياة، أو أن يعيشَ بعاهة مستديمة، تُفقده لذة العيش ؟، ثم نطالب هذا الطفلِ المسكين ببر والده ! كيف ؟ ولماذا ؟
أشعُرُ بأنَّ قلبي يتقطع عليه ..

- طفلة صغيرة عمرها لا يتعدى العشر سنوات، مُصابة بفرط نشاط، هي من طالباتي ! تأتي كلَّ يوم وآثر الحروق تملأ يديها، لم أركز كثيراً، كنتُ أعتقد أنها "حساسية" أحالت بقعة من جسدها بلونٍ أحمر يميل إلى الأسود .. الفتاة تخاف من الدم ! تكره لونه، تبكي بشدة لو سمعت به .. بكيتْ يوماً فقالت لي صديقتها : "أمها شريرة، تحرقها بالنار، وهي تخاف منها!" أخبرت المُشرفة على الفور ..
أصبحتُ أتساءل بيني وبين نفسي , هل هي "أمها" فعلاً ؟ هل في قلبها ذرة من رحمة على ابنتها "المريضة" أصلاً ؟ نعم هي كثيرة حركة، كثيرة كلام، لكن هذا كله ليس بإرادتها .. ما ذنبها كي تُعاقبها بالنار؟ ما ذنبها حتى تزرع في قلبها الخوف من كل شيء حتى الألوان ! إنها طفلة لا تعي ذلك ! بل ربما هي لا تعرف عن مرضها .. لماذا تملأها بالعُقد ؟ لا أستطيع أن أتحمل رؤيتها وهي تبكي بحُرقة، يكفي أنها مريضَة !

- وأختم بهذه القصة، بقصة قد تتكرر إن لم نجد لهؤلاء المرضى حلاً، وإن لم نجد حداً راداعاً يردعهم عن التطاول على أرواحِ أبنائهم وأهليهم، قصتي الأخيرة عن أسرة بالكامل تتفكك بسبب الأب الذي عاشت معه زوجته ما يُقارب الثلاثين عاماً، وصبرت وقاست من الآلام مالله أعلم به، وسبب صبرها [أبناؤها]، فهي تخاف عليهم من التشتت والهروب والضياع، لا سيما أنها تعلم بأن زوجها "البائس" هو ليس بإنسان، بل يعتبر من في البيت "حيوانات"، فلا يوفر لهم سوى ما يحتاجه الحيوان من الأكل والشرب وإخراج الفضلات و"المُعاشرة" فحسب، رُغم قدرته المالية، وامتلاكه لأموال لا طائلَ لها، إلا أن الجشع والبُخل قد حرم قلبه من العطف والرحمة، وجرده من الإنسانية. قررت الأم أن تنفصل، لأن العمر قد طال والألم أصبح أكثر وجعاً، وحال هذا الرجل لم يتغير، بل هو من سيء لأسوأ، إحدى بناتها تعمل، فقد منّ الله عليها وأنهت دراستها وهي الآن تعمل معلمة، ومن المُفترض أن يكون المسؤول عليهم وعلى مصروفاتهم "الأب" إلا أنه بدأ يُطالب بــِ"نفقة"، ورفع دعوة يقول فيها بأنهم "عاقين" له، ويطالب بإرجاعهم إلى زريبته حيثُ الاستعباد !!! والغريب فعلاً أن القاضي في المحكمة "لم يستحِ" من قولها !، (نفقة ؟) مَن الذي يُنفق على مَنْ، ومَنْ يشتكِ مَنْ ؟ ومنْ هوَ المسؤول أولاً وأخيراً عن كل هذا ؟
ناهيك عن عضلِ فتياته عن الزواج بحجة زواج القبائل المعروف، ثم يزيد الطين بلّة، حينما يسأل القاضي ابنة هذا الرجل ولعابه تسيل من السماعة :"انتِ تشتغلين؟ قالت : نعم أشتغل، قال لها : أبوكم يقول ترى عادي هو موافق يزوجكم على أي أحد، انتِ متزوجة؟ أغلقت في وجهه السماعة " ولا تعليق !

أبناؤكم نعمة، احمدوا الله على وجودها بينكم، هُناك من حُرمَ الأبناء، فعاشَ في ظُلمة الليلِ يبكي ويشهق، ويسأل الله بابنة أو ابن ينيرون عليه دُنياه المظلمة، ومن وجد في قلبه الشفقة، والمقدرة، وقد حرمهُ الله منها، تبنّى له طفلاً يُربيه ويحنو عليه ويملأ عليه عالمه  بألوانِ الفرح التي لم توجد قبلُه ..

لا تفرغوا طاقات العُقدِ في نفوسكم عليهم، فكما أمرَ الله ببركم، أمر بحسنِ تربيتهم، فإن لم تفعَلْ فليس عليك منهم حق البر ..
لأنّ  ما تزرعه في أبنائك من خير، ستحصده حتماً إذا كَبُرت ..
 
همسة لُجينية :-
يقول د. سلمان العودة : "أطفالك يقتبسون شعلة السعادة من عينيك وشفتيك، لا تطفئ هذه الشعلة".
 
فَــ مَنْ يشتكِ مَنْ ؟

تبحث عني ؟؟!