مدخل:
يقول طه حسين:
"الذين لا يعملون , يؤذي نفوسهم أن يعملَ الناس".
فيلم مونوبولي الذي رسم ابتسامات على وجوه تتألم مما وجدت , فما أصعب أن تضحك وأنت حزين !
هذا الفيلم الذي حصل على الكم الهائل من المشاهدات والذي أثار إعجاب الناس .. نكأ جراحهم , وأقضّ مضاجعهم , ودائماً , من أراد أن يصل إلى قلوب الناس , عليهِ أن يتحدث عما بداخلها بصوته هوَ ... أو (بقلمه) ! وهذا ما فعله القائمون على هذا الفيلم , إلا أنه تحدث عن الشباب , ونسيَ جراح الفتيات , وربما أنه لم يوليها إهتماماً باعتبار أن "القوامة" بيدِ الرجل , ولكن ما معنى كلمة "قوامة" ؟ وسيجيب أحدكم بتثاقُل : أن يكون الرجل قائماً بواجبه اتجاه المرأة بتوفير المأكل والمشرب والمسكن والمأوى , والمال .. ولكننا تناسينا بأن المرأة اليوم هي شريكة في هذه القوامة , خصوصاً وأن دخل الرجل وحده لا يفي بالحياة العصرية ! وفي بعضِ الأحيان نجد أنه لا يوجد أصلاً رجلاً في العائلة فتكون المرأة في هذه الحالة هي "القائمة" على البيت بما فيه .. ومعنى القوامة , لايُبطل دور المرأة أو تناسيها !
وعبر الأسطر القادمة , سأحكي لكم عن جُرحٍ غائرٍ في قلبي , فأنا لستُ شاباً , بل شابة , ولا أقوم برعاية أحد , ولكن طموحي أكبر من أن أجلسَ في البيت !
قُبيلَ تخرجي بشهرٍ تقريباً , عرضَتْ عليّ مديرة مدرسة أهلية إبتدائية العمل في المدرسة باعتبار أن تخصصي نادراً
جداً ! حتى أنها طلبت مني أن أوقع عقداً لمدة سنة كاملة , وحصل ذلك فعلاً , أخبرتني بنبرة الأم التي يقع تحت مسؤوليتها مئات الطالبات بأن العقد هو إلتزام تام ومن نقضهُ يُعاقب! مضت ثلاثة أشهر على هذا العقد وعند بداية العام الدراسي , أخذتُ أوراقي واتجهتُ للمدرسة لأباشر العمل , وإلى الآن القصة تسير بشكل عادي , إلى أن أتت كلماتها مفاجئة لي وهي تقول : نُريدك يا لُجين أن تنتظري قليلاً , بسبب تغييرات في المدرسة , وأصحاب المدرسة _المجهولين_ قرروا تغيير نظامها ليصبحَ عالمياً International" " ونحن سنتصل عليكِ , ضعي رقمك هنا !
ألقت كلماتها عليا كالماء البارد الذي يصبُّ صباً على رأسك فجأة وتستيقظ من غفلتكَ على حقيقةٍ مرّة , أمرُّ ما فيها أن تجدَ وقتكَ وآمالك قد أصبحت هباءً منثورا , والسبب إلتزامك وأمانتك في زمنٍ ندرت فيه الأمانة , وأصبحَ الناس يبحثون ويركضون من أجلِ مصالحهم الخاصة , وماهي مصلحتها ؟ ياللخيبة ! ضيعتُ من يدي فرصاً كثيرة , منها التقديم على إكمال الدبلوم أو الماجستير !
ذهبتُ إلى مكتبِ العمل ولا أدري كيف حملتني رجلاي إلى هُناك ! ذهبتُ بحثاً عن عمل أو حل , طلبت مني الموظفة صورة من العقد إلا أنّ مديرة المدرسة للأسف استغفلتني ولم يكن لدي إثبات سوى صورة إلتقطتها بكاميرة جوالي للعقد فارغاً قبل أن أقرأه أو أوقع عليه .. أخبرتني الموظفة بأنها لا تستطيع أن توجهني إلى أي مكان حتى تُحل قصة العقد الكاذب هذا فطلبت مني أن أذهب إليها وأطلب منها إخلاء طرف .. ذهبت , وليتني لم أذهب قالت لي وهي تضحك: وكيف أعطيكِ إخلاء طرف وأنتِ لم تعملي لدينا إلى الآن ؟! , قلت لها: إذن أعطيني صورة من العقد , لأضمن أني هُنا على الأقل , فأجابتني بأفظعِ جواب :"أنا (قطعت) العقد من يومها ورميته , وإذا لقيتي لكِ مكان ثاني , الله يسهل عليكِ !" انتهى ردها .. ماذا ؟! مزقت العقد ؟! هل كانت لعبة سخيفة منها تدل على منتهى حقارتها وهي مديرة مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم ؟ هل سؤصدقها ؟ مالاثبات الذي يثبت أنها قد مزقت العقد ؟ هل لهذه الدرجة وصل بنا الحال , بأن تُهان كرامتنا بهذا الشكل ؟ بل أين حقوقنا ؟ وكيف استسهلت تمزيق عقدي وقلبي ؟!
كيف لا تفعل ذلك , والعقد بكلِّ ما فيه يقف ضدَّ المتقدمة للعمل ولا يحفظ حقها ! حيثُ تعمل مجبرة لمدة ثلاثة أشهر "كالخادمة" براتب زهيد لا يفي حتى أجرة السائق , ومن حق المدرسة أن تتخلى عن "المعلمة" تماماَ بعدها ! وقد تخرج بلا راتب .. يُشهّر بها وتشوَّه سمعتها ولا تقبل في أي مدرسة أخرى إذا انقطعت عن العمل بدون علمهم ! .. يُخصم من راتبها إذا تأخرت أو تغيبت !.. وشرط جزائي إذا لم تلتزم بالعقد !!
أيُّ ألمٍ هذا ؟, وأين حفظ الكرامة والحقوق ونحنُ خريجات جامعيات بتخصصات مطلوبة في كل مكان ؟, أيُّ ظلم هذا وأيُّ غبن ؟ , لماذا لا تكون هُناك رقابة على هذه العقود وعلى هذه القرارات ؟! بل لماذا تطلب مني الإلتزام بعقدها إن كانت هي غير قادرة على الإلتزام ؟ كيف تحوَّل العلم والمدرسة والمعلمة والطالب إلى تجارة بحتة , غرضهم الأساس هو جمع ثروة طائلة من هذه المدرسة ! هل هي فعلاً شركات ربحية تجارية تتاجر حتى بكلمة "مدرسة تحفيظ للقرآن" ؟ أيُّ حفظٍ للقرآن إن كانت مديرة المدرسة لا تُطبق ما فيه ..!
ثم نتساءل بكلِّ حماقة عن سبب تأخرنا , وعن سبب تقدم غيرنا , وعن سبب تبلد الفكر لدى أطفالنا , لا عجب إن كان العلم في بلدنا مجرد تجارة وكسب مال ! إن كان كل من هب ودب فتح له مدرسة وأحضرَ معلمات وأعطى كل واحدة منهن راتب لا تتجاوز قيمته (1500) ريال يسحب منه شهرياً للتأمينات وغيرها ! نعم .. هي تجارة رابحة في الدنيا , ولكن في الآخرة ........؟!
طلبت استشارة قانونية من محامي وباحث قانوني فكتب لي : "الحل هو إقامة دعوة في المحكمة العامة عليها ,,, وطلبها تحليف اليمين بأنه لا يوجد عقد بينك وبين المدرسة ,,, وبعدها لو أقرت بالعقد تقام دعوة في ديوان المظالم لكي يتم إرجاعك والإلتزام بالعقد .." (! ! !)
كتبتُ له : "ما أشقانا , ونحنُ نُعاني من ظُلم بعضنا بعضا , سأبحث عن عمل , بدلاً من أضيع ما تبقى من وقتي وجهدي في قضية قد كُتب نهايتها بتمزيق قلبي , أنا أنتظر عدل السماء في محكمة الدنيا ! فدعوةُ المظلوم لا تُرد.."
بددت أملي , وأنزلت دمع عيني , وكبلت حواسي ...
أعلم أن هُناك من تُعاني مثلي , وقد تكون أكثر مني , ولكن ما باليد حيلة غير (الصبر والدعاء) ...
همسة لُجينية:
قال صلى الله عليه وسلم:" عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له" . رواه مسلم .
عاطلة بمرتبة كاتبة !
مقالي /// تأخر نشره في أنحاء , فنشرته هُنا ^_^